مكان الاستشهاد : امام قسم شرطة السلام
السن : 30 سنة
تاريخ الاستشهاد : 28/1/2011
سبب الوفاة : طلق ناريقلنا لأسرة الشهيد فيصل سعد ـ من احدي قري أبوتيج في محافظة أسيوط ـ إن الحكومة قررت صرف50 ألف جنيه لأسرة كل شهيد ومعاش استثنائي قدره1500 جنيه شهريا.
<="" div="" border="0">
فصرخت والدته: كل أموال الدنيا لا تكفيني.. لا أريد غير شق بطون قاتليه. وقال والده إننا في أشد الاحتياج الي المال, ولكن لن نقبل قرشا واحدا في ابننا, ولن تنطفئ نيران الحزن إلا بمحاكمة القتلة والفاسدين.
يقول صابر سعد شقيق الشهيد فيصل سعد أحمد سيد أحمد: كان شقيقي رحمه الله والذي يبلغ من العمر43 عاما يعمل في مقهي بمدينة السلام وكان طول الوقت ساخطا علي الظلم وكان دائما يقول كلاما كبيرا مثل امتي نتحرر من الظلم والعبودية, امتي هنشم نفسنا ونعيش زي مخاليق ربنا, امتي نحس بكرامتنا.
ويضيف شقيق الشهيد: لقد ظل شقيقي طوال الفترة الماضية يرفض الزواج بعدما كان متعجلا عليه منذ خمس سنوات, وكأنه كان يعرف أن رصاصات النظام ستنهي حياته مبكرا وكأنه كان يشفق علي من ستشاركه الحياة من تلك اللحظة, وكان يقول دائما مش عاوز أبهدل حد معاي, ويستطرد شقيق الشهيد: لقد أقنع الشهيد شقيقه الأصغر بالزواج وقال لوالدي المهم أخويا يتجوز والسبع بنات يتستروا وبعدين أبقي أشوف نفسي.
وعن علاقته بالشهيد يقول لقد كان شخصا حنونا لدرجة ان أولادي متعلقون به لدرجة مخيفة ولم ينقطع بكاؤهم عليه حتي الآن, ويستيقظون من النوم علي جملة فين عمي فيصل كان أخي شهما وكريما فبالرغم من كونه أخي ويعيش معي بنفس الشقة إلا أنه لا يدخل البيت إلا وهو يحمل معه الطعام والفاكهة والحلوي للأطفال.
ويضيف صابر سعد شقيق الشهيد: لقد اتفق شقيقي مع أولاد العم علي الذهاب الي ميدان التحرير يوم25 يناير وقال لهم لابد أن يكون لنا دور في تحرير البلد, احنا مش أقل من المتعلمين وخريجي الجامعة الوطن ده بتاعنا كلنا, لازم ندافع عن كرامتنا ياجماعة تأخر شقيقي في هذا اليوم وأخذت أسأل عنه فلم أجد اجابة من أحد خاصة في هذا اليوم تم قطع الاتصالات وشبكة الانترنت الي أن جاء الي البيت في وقت متأخر ثم جاء يوم جمعة الغضب, وخرجنا للصلاة, ثم قال لي انه ذاهب الي ميدان التحرير ولم يعد في تلك الليلة الي المنزل, أخذت أبحث عنه في كل مكان خاصة بعدما شاهدنا علي القنوات التليفزيونية القتل والضرب كنت أجري في الشوارع زي المجنون خاصة بعدما وجدت محفظته التي تركها في المقهي الذي يعمل به ووجدت في محفظته صورته ومكتوب علي ظهرها أنا حر, وفي صباح يوم الأحد30 يناير وجدت اسمه في مستشفي السلام ودخلت مباشرة علي الثلاجة فقال لي أحد المسئولين ربما يكون أخوك مصابا قلت لهم أخويا مات وبالفعل رأيته بين جثث كثيرة, وأول مرة أشوف فيها أموات والله كانوا مبتسمين لدرجة انني ظننت أنهم أحياء, فقال لي الناس هم الشهداء يكونوا كده, وعرفت بعد ذلك أن أخي عاد مساء جمبعة الغضب الي مدينة السلام وعندما شاهد المظاهرات أمام قسم الشرطة شارك المتظاهرين, ودافع عن زملائه الذين احتكت بهم الشرطة الي أن أصابه أحد القناصة برصاصة في رأسه أدت الي نزيف حاد أودي به في الحال.
ويضيف شقيق الشهيد: لم نفرح بتنحي الرئيس مبارك ولن نفرح بالتعويضات والمعاشات لن تبرد نار القلب إلا بمحاكمة مبارك ونظامه, لن نفرح إلا عندما تعلق المشانق للظلمة والقتلة, مبارك وابنه وشجرة الدر أقصد سوزان والعادلي وصفوت الشريف وفتحي سرور وكل الفاسدين.
طلبت من صابر أن أتحدث الي أخيه الأصغر سيد والأب والأم, قال لي انهم يعيشون في البلد, في احدي قري مركز أبوتيج بمحافظة أسيوط, أعطاني رقم الهاتف المحمول والمنزلي وقال اسمح لي أكلمهم أولا لأنهم سيرفضون الحديث, تحدثت الي سيد عن علاقته بالشهيد فقال كان أخي هو سندي وحبيبي هو الذي زوجني مع انني أصغره بخمسة أعوام, ولكنه أصر علي ذلك وهو الذي اختار لي زوجتي والسبب في ذلك أنه كان لا يريدني أن أشعر بالعجز لأنني لا استطيع العمل نظرا لاصابتي في حااداث سيارة عام1998 وعلي اثرها استئصلت الطحال, ولدي اصابات في جسدي, فكان يريد أن يفعل أي شئ يسعدني وكان دائما يتحدث عن البلد ويقول مصر كبيرة جدا لازم نحبها وكان يضحك عندما يحضر انتخابات مجلس الشعب في البلد, وكان يقول للناس ياجماعة الناس بتوع الحزب دول بيضحكوا عليكم, كان شقيقي زي ما بيقولوا كده وطني وشريف ومخلص لعمله وكان بيشتغل ليل ونهار عشان يصرف علينا, ولا أنسي انه وعند حلول موعد ولادة زوجتي منذ شهرين ذهب هو معها وأطلق علي المولودة اسم فرحة وقال دي فرحة العيلة وهي اللي هتعيش المستقبل الحلو.
طلبت من سيد أن أتحدث الي والدته فقال أرجوك بلاش تكلمها لأنها لا تتوقف عن البكاء فقلت له اريد فقط أن أقدم لها العزاء فوافقت, قلت لها ازيك يا أمي انت الآن فقدت ابنك وكسبتي ملايين الأبناء كلنا أولادك, احتسبيه عن الله فسوف يكون سبب دخولكم الجنة بإذن الله.
ردت في صوت يملؤه الحزن والشجن والأسي, يا ابني الله يرحمه أنا قلبي محروق علي ولدي كان مضلل علينا وعلي أخوه وأبوه والسبع بنات, كان نور عيني وكان شقيان علينا, كان رافض الزواج عشان يقدر يصرف علينا.. قتلوه المجرمين أخدوه مننا.. مش هاخده في حضني تاني, قلت لها يا أمنا ياست الكل هو في الجنة الآن ادعيله, قالت فعلا حلمت بيه انه قاعد في جنينه وعطاني عود أخضر وكان لابس جلابية بيضاء وكان يبتسم ويطبطب عليا, قلت لها طيب وايه اللي يرضيكي دلوقتي بعد تنحي مبارك ومحاكمة العادلي, قالت بحسها الثأري المعروف عن أهل الصعيد حيث ان حياة الانسان أغلي من أي شئ: لن تبرد ناري بالتنحي اللي بيقولوا عليه ده ولا المحاكم الفاضية دي عشان هيطلعوهم براءة بعد كده زي كل واحد قبل كده لن أرتاح إلا لما أفتح بطن الذين قتلوا ابني وانهش أكبادهم.
أشفقت عليها نظرا لمعرفتنا جميعا بقلب الأم.
الحاج سعد والد الشهيد تحدث عن شهامة ابنه الشهيد, وقال زرته بالقاهرة يوم23 يناير وطلبت منه فلوس وقلت له يا فيصل يا ولدي شوف لنا قرشين معاك فقال تعالي يابويا مصر وخد اللي يكفيكم عشان مش هعرف انزل البلد دلوقتي وأخذت منه الفلوس ورجعت عالبلد. ولما مات ابني جابوه علي البلد وأخذوه عالجبانة علي طول عشان البلد كانت والعة وحزينة عليه, وسبحان الله كنا بنقوله انت هتعيش في مصر ولا في البلد وعاوز شقتك في مصر ولا في بيتنا, كان يقول يابويا في أي حتة ذا احنا أخرتنا في النهاية متر في متر, سبحان الله كأنه عارف انه هيموت.
قلت له يا والدنا عموما الحكومة قررت صرف50 ألف جنيه ومعاش1500 جنيه, قال لي يا ابني أنا عندي36 عاما ولدي ابن لا يعمل نظرا لظروفه الصحية و7 بنات وبرغم حاجتنا الشديدة للمال خاصة أن ابني الشهيد كان عائلنا الوحيد إنما مش ده هو اللي هيبرد نارنا, احنا عاوزين نشوف الناس دي اللي قتلوا أولادنا بتتحاكم أمام أعيننا علي شاشات التليفزيون.. وختم حديثه قائلا إحنا ممكن ننام جعانين ونمشي حافيين بس بلدنا تتطهر من الفاسدين والظالمين.