الذهاب إلى المسجد
عن أبي هريرة أن النبي قال: "من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح" .( )
النـزل: ما يهيأ للضيف من كرامة عند قدومه.
قوله:"من غدا إلى المسجد"، وفي رواية "خرج"، وفي رواية "يخرج". وراح: أي ذهب ورجع، وأصل الغدو الرواح بغدوة والرجوع بعشية استملال في كل ذهاب ورجوع توسعاً ."أعد اللّه" أي هيأ "له نزلاً"، أي محلاً ينـزله، والنـزل بضمتين المحل الذي يهيأ للنـزول فيه وبضم فكون ما يهيأ للقادم من نحو ضيافة .فعلى الأول من في قوله : "من الجنة" للتبعيض وعلى الثاني للتبيين .
فنرجو من الذين يصلون في البيوت أن يحرصوا على الصلاة في المسجد، لأن المسجد يصنع الرجال ، قال الله تعالى : فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ .( )
في الختام وبعد أن قرأنا هذا الكتاب،فعليك أخي الحبيب،كما عليك أختي الفاضلة أن تقدموا لأنفسكم خيراً وأن تتزودوا لهذه الأوقات
وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ.البقرة الآية(197).
قال الله تعالى:{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}. سورة القصص(83) قال الشيخ السعدي:{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ}التي أخبر اللّه بها في كتبه وأخبرت بها رسله،التي قد جمعت كل نعيم، واندفع عنها كل مكدر ومنغص،{ نَجْعَلُهَا} دارا وقرارا {لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا} أي: ليس لهم إرادة، فكيف العمل للعلو في الأرض على عباد اللّه، والتكبر عليهم وعلى الحق {وَلَا فَسَادًا} وهذا شامل لجميع المعاصي، فإذا كانوا لا إرادة لهم في العلو في الأرض والإفساد، لزم من ذلك، أن تكون إرادتهم مصروفة إلى اللّه، وقصدهم الدار الآخرة، وحالهم التواضع لعباد اللّه، والانقياد للحق والعمل الصالح . وهؤلاء هم المتقون الذين لهم العاقبة، ولهذا قال: {وَالْعَاقِبَةُ} أي حالة الفلاح والنجاح، التي تستقر وتستمر، لمن اتقى اللّه تعالى، وغيرهم وإن حصل لها بعض الظهور والراحة فإنه لا يطول وقته، ويزول عن قريب. وعلم من هذا الحصر في الآية الكريمة، أن الذين يريدون العلو في الأرض، أو الفساد، ليس لهم في الدار الآخرة، نصيب، ولا لهم منها نصيب.
والعاقل الكيس الفطن هو من عمل كل ما يقربه إلى الله، والذي ينظر في عمله فيصلح أعماله ويتوب عن المعاصي والذنوب، ويكثر من الخيرات والطاعات، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم. وعلينا إخوتي في الله أن نعلم أن الدنيا فانية زائلة مصيرها إلى انقضاء، فلا بد أن لا نحرص عليها وأن نجعل الآخرة في قلوبنا ولا تتعدى الدنيا أيدينا لأن عند الله هو خير وأبقى، قال الله تعالى:وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً الكهف الآية (46) فاحرصوا إخوتي على صالح الأعمال ، وعلى هذه الأجور العظيمة وادخروا من الحسنات ماينفعكم في أُخراكم .
نسأله سبحانه وتعالى أن يعيننا على أدائها،كما نسأله الإخلاص في القول والعمل .
و نسأل الله العظيم أن ينفع به المسلمين، وأن يكون زاداً يتزودون به في يوم الدين ... اللهم آمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.