ينما يرفع طلاب الثانوية العامة شعار "يوم الامتحان يكرم المرء أو يهان"، ترفع مراكز الدروس الخصوصية شعار "ليالي الامتحان موسم جمع الفلوس"، ولهذا يمثل شهر الامتحانات "كابوس" الآباء والأمهات، والذين يلجأ أكثرهم للاستدانة والجمعيات لسداد ثمن مراجعات ليالي الامتحان التي تتنافس مراكز الدروس الخصوصية في زيادة أسعارها وبالإخص هذا العام، مستغلين حالة الخوف التي تنتاب الطلاب نتيجة تعطل الدراسة وأحداث الثورة التي منعتهم من المذاكرة والاستعداد لـ"بعبع" الثانوية العامة.
ولهذا كانت المراجعات النهائية هذا العام تبدأ من 4 إلى 6 حصص في كل مادة، وتصل في بعض المراكز إلي 8 حصص، يتراوح سعر الحصة الواحدة من 20 إلى 100 جنيه من منطقة لأخرى، وعلى حسب شهرة كل مدرس وخبرته في التوقعات .. ليكون متوسط إجمالي ما يدفعه طلاب الثانوية العامة هذا العام في ليالي الامتحان فقط هو 820 مليون جنيه و119 ألف !!
من السهل التأكد من صحة هذا الرقم بحسبة بسيطة للخروج بمتوسط ما يدفعه أولياء أمور طلاب الثانوية العامة هذا العام البالغ عددهم 820 ألف و119طالباً بالمرحلتين الأولى والثانية على مستوى الجمهورية – وذلك خلال شهر المراجعات النهائية، والذي يختلف من طالب العلمي الذي يدرس "المواد الحراقة" - في أسعار الدروس - كالفيزياء والكمياء والرياضة، عن طالب الأدبي الذي يدرس علم النفس والفلسفة والتاريخ الأخف في المصرفات، والخروج بمتوسط عام لما يدفعه طالب الثانوي، وضربه في أعداد الطلاب الممتحنين هذا العام.
فبجمع متوسطات أسعار المواد التي يدرسها طالب الأدبي وهي "اللغة العربية والإنجليزية والتاريخ أو الجغرافيا والجيولوجيا ويختار بين علم النفس والفسلفة والاقتصاد والاحصاء" وإضافة ثمن الملازم مضروباً في متوسط عدد حصص المراجعات- تخرج الحسبة بمتوسط 800 جنية يدفعها ولي أمر طالب الأدبي ، و يتفوق عليه طالب العلمي الذي يدرس "اللغة العربية والإنجليزية والفيزياء والكمياء والأحياء والرياضة ويختار بين علم النفس والفلسفة والإقتصاد والإحصاء" فيدفع 1200 جنية في المراجعات النهائية فقط، ليكون المتوسط العام لطالب الثانوية العامة بمرحلتيها 1000 جنية ، بضرب هذا الرقم في عدد820 ألف و119طالب ثانوي علي مستوي الجمهورية يكون المجموع النهائي هو 820مليون جنية و119 ألف يدفعها أولياء الأمور في شهر واحد.
ومن جانبهم يؤكد أصحاب مراكز الدروس الخصوصية أن 70 إلي 90 % من هذا المبلغ يحصل عليه المعلمون حسب شهرة كل منهم وقدرته علي اجتذاب الطلاب حيث تصل أعداد الطلاب في المراجعات النهائية لملوك التوقعات إلي 500 وألف طالب بالقاعة الواحدة ويتم تجهيز قاعات المراكز الكبري بسماعات ضخمة وشاشات يروا من خلالها المدرس.
ويحلل عبد الحفيظ طايل- مدير مركز الحق في التعليم ومؤسس النقابة المستقلة للمعلمين - هذه الحسبة بشكل مختلف لا يعتمد على أرقام ولكن على حقائق أصبح فيها المعلم يعتمد على الدروس الخصوصية لكسب قوة حياته لأن مرتبه الهزيل الذي تعطيه له الدولة لا يكفيه فاعتاد أن يحل مشكلاته المادية علي حساب الطالب ، ونظام تعليم انتج طلاب ليس لديهم القدرة علي الثقة في انفسهم بدون الحصول علي "كبسولة" المراجعات النهائية من ملخصات وملازم وأسئلة متوقعة ،وعلاج ذلك في إصلاح منظومة التعليم نفسها وانسحاب الدولة من دورها في تقديم تعليم جيد مؤكداً علي أن استغلال مراكز الدروس الخصوصية هذه الظروف في زيادة أسعار الدروس وليالي الامتحان والملازم شيء ليس مستغرب وطبيعي في ظل هذه الظروف