تباينت مواقف القوى السياسية تجاه المصادمات التى وقعت أمس بين الشرطة والمتظاهرين، حيث لم تتمكن من تحديد موقفها من الدعوة للعودة إلى ميدان التحرير، فمن ناحيته دعا محمد عادل عضو المكتب السياسى لحركة شباب 6 إبريل، المجلس العسكرى وحكومة الدكتور عصام شرف، إلى إصدار قانون يحرم كل أعضاء الحزب الوطنى فى مجلس الشعب والشورى والمجالس المحلية من الترشح فى الانتخابات القادمة، لتطهير البرلمان القادم من المزورين وأصحاب المصالح الشخصية، وكذلك تطهير الحكومة من وزراء الحزب الوطنى.
وقال عادل، إنه إذا ثبت أن من وراء إثارة أحداث أمس أعضاء المجالس المحلية المنحلة من الحزب الوطنى، كما تقول وزارة الداخلية، فيجب أن يكون هناك مواجهه شامله، معهم وتحقيق مطلب الثورة الذى رفع منذ يوم28 يناير وهو حرمان أعضاء الحزب المزورين من المشاركة فى الانتخابات القادمة.
وأشار عادل إلى أنه من المحتمل أن تكون هناك موجة من الانفلات الأمنى منظمة عند صدور هذا القانون، ولكنه عند هذه اللحظة سيخرج الشعب المصرى لحفظ الأمن وفرض السيطرة على الشارع مثلما كان الوضع يوم 28 يناير بعد انسحاب الداخلية.
من ناحيته، وصف فؤاد بدراوى السكرتير العام لحزب الوفد الأحداث بالمؤسفة، وقال: "ألتمس العذر لأسر الشهداء فى موقفهم، نظراً لأنه حتى الآن لم تحدث محاكمات لقتلة المتظاهرين، وبالتالى فإن موقفهم يعتبر رد فعل طبيعى "مطالباً الحكومة بالتعامل بحكمة حتى تعود الأمور لطبيعتها، لأن التصعيد قد يهدد عودة الحياة إلى طبيعتها، أما الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع، فأكد أن المحاكمة العادلة والسريعة حق لأسر الشهداء، لكن استقلال القضاء يعد أحد أهداف الثورة، وأوضح أنه لا يصح أن يخضع القضاء لإرادة المجنى عليهم حتى لو كانوا شهداء، وقال: "هناك أصول للمحاكمات، فضلاً عن أن الأموال التى تم تهريبها للخارج لن تعود إلا من خلال إجراء محاكمات عادلة، لافتاً إلى أن الجميع يكن لأسر الشهداء كل الاحترام، لكن التدخل فى شئون القضاء أمر ممنوع.
وطالب السعيد بوقف التعامل الأمنى العنيف ضد المتظاهرين، وقال: "مصر تستحق شرطة عادلة وتحترم حقوق الإنسان والقانون، لكن لابد أيضاً أن تمتلك الشرطة القدرة على الحزم وحماية المواطنين"، كما أبدى استغرابه من تصريحات وزير الداخلية التى أعلن فيها انسحاب الشرطة من ميدان التحرير.
بدوره أشار عدد من شباب الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى ممن شاركوا فى مظاهرات أمس تضامناً مع أسر الشهداء، أن الغالبية الساحقة التى شاركت فى مظاهرات أمس هى من أهالى الشهداء وغير المسيسين، وأن الإعداد المحدودة للبلطجية لم ينجحوا فى استدراج المتظاهرين للتخريب أو المعارك المفتعلة، مطالباً باعتذار رسمى من الجهات المسئولة التى اتهمت أهالى الشهداء والمتظاهرين بـ"البلطجة".
وطالبوا بسرعة محاكمة الضباط وأعضاء الجهاز الأمنى المتورطين فى قتل وإصابة المواطنين خلال أحداث ثورة 25 يناير وإبعادهم عن ممارسة أعمال الشرطة وإبعاد كل من يشتبه فى تورطه بالفساد السياسى أو الإدارى أو الاستعانة بالبلطجية عن الجهاز الشرطى وضرورة الإسراع بإعادة هيكلة وتأهيل الجهاز الأمنى واتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لبناء جهاز الشرطة على أسس جديدة من احترام حقوق.
ودعا شباب الحزب المجلس العسكرى للإسراع فى محاكمه المسئولين عن قتله الثوار وإعادة الأمن و الأمان و تطهير أجهزة الدولة المختلفة ونذكره أن العدالة، مستنكراً التعامل الأمنى القاسى على حد وصفهم مع متظاهرى أمس.
فى السياق، نفسه أعربت حملة حمدين صباحى رئيساً لمصر عن كامل إدانتها لما جرى أمس بميدان التحرير من اعتداءات أمنية بالغة العنف ضد المتظاهرين من أهالى أسر الشهداء والمتضامنين معهم من الثوار والنشطاء السياسيين.
وأكدت الحملة أنها تقف إلى جوار المطلب العادل لأسر الشهداء بسرعة القصاص من المجرمين الحقيقيين الذين تسببوا فى مقتل شهداء الثورة، وأوضحت أنها ترفض تماما تقديم كبش فداء لهذه الجريمة من صغار الضباط وأمناء الشرطة مع استمرار تأجيل جلسات محاكمات كبار المسئولين ورموز الفساد والاستبداد والنهب المنظم الذى جرى لمصر وعلى رأسهم الرئيس المخلوع حسنى مبارك.
وأشارت الحملة إلى أنها ترفض استعادة وزارة الداخلية لأسلوب العنف الأمنى ضد المتظاهرين، كما نبهت أيضاً إلى احتمالات وجود عناصر من فلول النظام تحاول إثارة احتكاكات متعمدة، خاصة عقب صدور الحكم القضائى بحل المجالس المحلية.
وحملت فى الوقت نفسه وزير الداخلية الحالى المسئولية الكاملة عن أى عنف جرى ضد المتظاهرين من أهالى الشهداء، مشيراً إلى أن هذا يحدث فى الوقت الذى نرى فيه جهاز الشرطة مسالماً ومهادناً إزاء أغلب جرائم ووقائع البلطجة التى تجرى فى مناطق مختلفة ولم نشهد أى موقف حاسم لوزارة الداخلية وجهاز الشرطة حتى الآن للقضاء على البلطجة والقبض على البلطجية بينما يستخدمون العنف ضد المتظاهرين.
ودعت عصام شرف رئيس الوزراء إلى فتح تحقيق فورى فيما جرى واتخاذ قرار عاجل بإقالة وزير الداخلية الحالى، وقالت: "إن لم يكن د.عصام شرف الذى جاء رئيساً للوزراء بفضل الثورة وباقتراح الثوار قادراً على اتخاذ إجراءات حاسمة فى ذلك الموقف فليتقدم باستقالته وليعود إلى صفوف الثوار مرة أخرى".
ودعت الحملة المجلس العسكرى لتحمل مسئولياته الحقيقية فى هذه المرحلة الخطيرة من مسيرة الثورة، واعتبرت إن الوقت قد حان لاختبار صحة موقفه الآن، وطالبته باتخاذ عدد من الإجراءات العاجلة، أولها الكشف عمن يقف وراء مخططات زعزعة الأمن واستقرار البلاد التى تحدث عنها فى بيانه الأخير والمحاسبة الفورية لهم لننتهى من القضاء على فلول النظام التى تثير تلك الحالة من الفوضى والارتباك، وفى هذا الإطار تأتى أهمية التزام المجلس فوراً بتنفيذ حكم القضاء المصرى بحل المجالس المحلية