فى مستشفيات برلين الفاخرة يقبع مصابو الثورة، هناك حكايات صنعتها الحرية
وبطولات وصور وبقايا دماء، فى ألمانيا "ارفع رأسك فوق أنت مصرى" بعد الثورة
قولها وأنت ممتلئا بالعزة والكبرياء، أعلنها صراحة واشكر الألمان الذين
قرروا مشاركتك دفع فواتير الحرية من جيوبهم فضحايا الحرية يستحقون أكثر من
العلاج على نفقة ألمانيا، ضحايا الحرية ألهمونا كيف يكون الوفاء؟، فها هو
"ممدوح حمزة" المهندس الاستشارى العالمى يجرى اتصالاته الدولية ليفتح
للأبطال طريق العلاج، وها هم أعضاء الجالية المصرية بألمانيا يزورون مصر فى
عيون أبطالها المصابين، وهنا الألمان يستمعون بإنصات لبطولات عجزت شاشات
الفضائيات عن نقلها، وها نحن "اليوم السابع" فى المستشفى الألمانى نطمئن
على المصابين ونتمنى لهم الشفاء.
فى الغرفة 3110 بمستشفى "فيفانتس" يرقد الدكتور مصعب الشاعر نجل القيادى
الإخوانى البارز أكرم الشاعر بعد أن خضع لجراحة عاجلة منذ عدة أيام متأثرا
بإصابة شديدة يوم جمعة الغضب فوق كوبرى قصر النيل ..أكثر من ١٤٠ شظية تركزت
فى ذراعه الأيمن فيما يقول خاله محمد أبو النجا المرافق له بالمستشفى إن
إصابته متعددة لأن طلقات الرش فى كل جسمه وهناك طلقات حية فى أسفل قدمه
وقسمتها نصفين وتم وضع مسمار من الركبة حتى الكعب، وفى يده أجريت عملية فتح
واستخرج ٢٤ طلق رش حول العصب وبعد شهر سوف يخضع لجراحة أخرى لاستخراج باقى
الطلقات وبالتالى علاجه يستمر حوالى ٦ شهور.
كان مصعب الشاعر والجراح فى أحد المستشفيات المصرية وصل ألمانيا منذ
أسبوعين لمستشفى "فيفانتس" الألمانى، وأكد الأطباء أن حالته صعبة وكان يمكن
أن يتعرض لشلل فى يده لأن الطلقات كانت مركزة حول العصب، وأشار مصعب إلى
أنه تم نقله عن طريق الدكتور ممدوح حمزة الذى تكفل بهذا الموضوع باتصالاته
إضافة إلى شابين آخرين مصابين فى عيونهم، مؤكدا أن هناك تضاربا فى الأقوال
فيما يتعلق بتحمل التكلفة ففى بادئ الأمر علمنا أن المتحمل هو الجمعية
القبطية فى ألمانيا، ولكن بعد ذلك أعلن المستشفى أنه متكفل بالتكاليف ثم
أعلنت الحكومة الألمانية أنها متكفلة ولا نعلم تحديدا من الذى سيدفع
النفقات، ولكن فى النهاية الدكتور مصعب يتلقى أفضل العلاجات والجميع يقف
بجانبه وغيره ويقدمون لهم كل ما يقدرون عليه.
وقال الشاعر، إن الجمعية القبطية من الجالية استضافت ٣ مصابين حضروا معا
وما زالت تقدم للمصابين دعما معنويا عاليا جدا، فالجمعية هى من نسقت وصول
المصابين "وهم مسلمون" ما يدل على التكاتف، خاصة أن الدكتور مصعب معروف أنه
ابن الدكتور أكرم الشاعر الشخصية البارزة فى جماعة الإخوان المسلمين، كما
زار الدكتور ممدوح حمزة المصابين الثلاثة ومكث معهم يوما كاملا حتى اطمئن
عليهم ومازال يتابعهم.
مصعب أوضح أنه فى يوم ٢٨ يناير "جمعة الغضب" كان ضمن المجموعة المترجلة
على كوبرى قصر النيل وتلقى طلقا ناريا حيا فى قدمه قسمها نصفين وسقط على
الأرض وبدأ فى حماية وجهه من طلقات الرش التى إصابته فى أنحاء متفرقة من
جسده، مشيرا إلى أن رجال الشرطة أنزلوا المصابين من "الميكروباص" التى
حاولت نقلهم إلى المستشفى وظلوا يضربونهم، وقال مصعب إنه يتذكر الضابط
والجندى الذين كانا يضربانه واتهمهما فى محضر رسمى.
فى مستشفى آخر تابع لوزارة الصحة الألمانية يرقد شابان فى مقتبل العمر أصيب
أحدهما فى العين ويدعى "حمدى" من المنصورة حيث فقد إحدى العينين وأجرى
للثانى أكثر من عملية جراحية على أمل استعادة بصر خلال ٦ أشهر كما أفادنا
الأطباء هناك .. لكن سيد فقد عينيه الاثنتين ويعيش على أمل العلاج الذى قد
يعيد إليه رؤية ضبابية.
يقول حمدى إنه أصيب فى المنصورة مساء ٢٩ يناير بعد إعلان وقف ضرب النار
بالتليفزيون حيث كان يصور مشاهد فى الشارع بالفيديو وفوجئ بسيارة بها
مجندان أطلقت عليه خرطوشا أصابه فى عينيه وفى لحظة تمكن من تصوير رقم
السيارة وملامح العسكرى الذى أطلق النار عليه وتم تسليم الفيديو فيما بعد
للنائب العام والمحامى العام .. ومع ذلك يعتقد أن حقه لن يعود إلا بعد فترة
طويلة.
كان حمدى أجرى ٣ جراحات فى مصر قبل أن يغادر إلى ألمانيا وزرع عدسة فى
العين اليمنى، كما تم زرع عدسة إلى زميله فى نفس الحجرة والذى كان يعانى
انفجار فى الجسم الزجاجى للعين ويتوقع تحسن حالته بعد ٦ أشهر ..
وفى اتصال هاتفى مع الدكتور ممدوح حمزة أكد أن المصابين لابد من تعويضهم
بشكل يليق بما تحقق بسببهم داعيا جميع وسائل الإعلام إلى حث المحامين
لاتخاذ إجراءاتهم بهدف جلب التعويضات لهم، خاصة أن بعضهم سيظل باقى عمره
كفيفا لا يرى أو معاقا على كرسى متحرك.
وأضاف حمزة أن الشعب المصرى يدين لهؤلاء بجزء من حريته ومستقبله ومستقبل
أولاده، مؤكدا أنهم ومن شارك فى الثورة ومن مات جزاه الله خيرا مطالبا
المشير طنطاوى بإصدار أوامره لمعاملة هؤلاء الجرحى كمصابى حرب مثلهم مثل
مصابى حرب 1973.